شـريـط الأخــبار:: مرحباً بكم في موسوعة المملكة العربية السعودية    
  البحــث
 
بحث متقدم


 
 

الصــور
السابق التالي
الخــرائط
السابق التالي
   
المنطقة: عسير
الباب: الأنماط الاجتماعية والعادات والتقاليد
الفصل: الحرف والمهن
رئيس اللجنة العلمية: أ. د. عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف ( أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية )
إعداد: أ. د. عبدالرحمن بن محمد عسيري ( أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية )
التحكيم العلمي: أ. د. أبو بكر بن أحمد باقادر ( أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز سابقًا ) - أ. د. سعيد بن فالح الغامدي ( أستاذ الأنثروبولوجي بجامعة الملك عبدالعزيز )

الباب الرابع: الأنماط الاجتماعية والعادات والتقاليد

الصفحة الرئيسة » عسير » الباب الرابع: الأنماط الاجتماعية والعادات والتقاليد » الفصل الثالث: الحرف والمهن » الزراعة

أولاً: الزراعة

تُعد الزراعة إحدى الحرف الرئيسة في منطقة عسير ويعمل بها معظم سكانها باستثناء سكان المناطق الصحراوية ذات الطبيعة البدوية. ونظرًا إلى أن الزراعة تُعد أحد أهم المصادر الرئيسة للمعيشة لمعظم السكان فقد اكتسبت الأراضي الزراعية أهمية خاصة، فكثير من الأفراد كانوا لا يرغبون في تقسيم أراضيهم الزراعية عن طريق الإرث، وإنما يفضلون تركها لرجال الأسرة الواحدة، وقد يلجؤون إلى وقفها على من بقي في خدمتها والأكل من عائدها، أما من يخرج من الأسرة - خصوصًا النساء - فيسقط حقه، والهدف من هذا الإجراء منع انتقال ملكية الأراضي الزراعية إلى أُسَر أخرى غيثان بن جريس، عسير في عصر الملك عبدالعزيز: دراسة تاريخية للحياة الإدارية والاقتصادية. ط1، (الرياض: مطبوعات المئوية، 1420 هـ)، 114. .   وقد كان امتلاك المزارع الكثيرة يُعد أحد مؤشرات الوجاهة الاجتماعية؛ فصاحب الأملاك الزراعية الكثيرة غالبًا ما كان يحمل من واجبات المجتمع أكثر من غيره، فهو يأتي في الدرجة الثانية بعد شيخ القبيلة عبدالله ثقفان، سراة عبيدة: سلسلة هذه بلادنا (41)، (الرياض: الرئاسة العامة لرعاية الشباب، 1413 هـ)، 26. .  

كما كان يوجد من يعمل في مزارع غيره مقابل أجرة تُدفع له من الثمار والمحصولات الزراعية، كأن يُدفع له خُمس المحصول أو ثلثه أو نصفه.

وتتنوع طبيعة المزارع في منطقة عسير وفقًا لطبيعة الأرض، فتكون المزارع في المناطق الجبلية والأصدار على هيئة مدرجات زراعية يُطلق على الواحد منها اسم (الركيب)، وتُستخدم لبناء تلك المدرجات أدوات بدائية مثل: المعول، والمسحاة، والمجراف صالح الشمراني، أشكال المدرجات الزراعية وتوزيعها المكاني، وأهميتها في إقليم السراة جنوب غربي المملكة العربية السعودية، (مكة المكرمة: جامعة أم القرى، مركز بحوث العلوم الاجتماعية، 1416 هـ)، 163. ،   ويعتمد هذا الصنف من المزارع في ريّه - غالبًا - على مياه الأمطار ويُسمى ذلك (عثرى). أما في المناطق السهلية فتوجد المزارع على ضفاف الأودية، وتكون متصلة لا يفصل بعضها عن بعض سوى حاجز ترابي صغير يُسمى (الزبير).

وتمر عملية الزراعة في المنطقة - مثل غيرها من المناطق الزراعية الأخرى - بمراحل متعددة تبدأ بعملية الحرث ويُستخدم فيها محراث يُسمى (اللومة)، وبذر الحبوب ويُسمى (الذرى)، وتُستخدم الثيران في هذه العملية إذ يُربط ثوران في المحراثويُساقان ذهابًا وإيابًا حتى تُقلب الأرض تمامًا. أما المرحلة الثانية من مراحل الزراعة فتُسمى (الدمس)، وتأتي هذه العملية بعد مرحلة حرث الأرض وبذر الحبوب، وتُسمى الآلة المستخدمة في الدمس (المدمس)، وتتكون من قطعة خشب عريضة بطول 2م أو 2.5م وحبال تُستخدم لربط المدمس من طرفيه بـ (المضمدة).

وبعد أن ينمو الزرع وتظهر سنابل الحبوب يقوم المزارعون بحماية المزروعات وحراستها، ويتم ذلك ببناء عريش مرتفع يقف عليه (الحامي) ممسكًا في يده مقلاعًا من الجلد يُسمى في بعض النواحي (المرجمة)، وتكون عنده مجموعة من الأحجار الصغيرة يستعملها للرمي أو مراجم خاصة مصنوعة من الطين، ويُصدر المقلاع أثناء رمي الطير بها صوتًا يخيف الطير ما يجعله يغادر المزرعة، وتوجد حراسة ليلية لحماية المزروعات من اللصوص.

أما مرحلة الحصاد التي يُطلق عليها (الصرام) فتبدأ بعد نضج الحبوب، إذ يدعو المزارع جيرانه أو أهل القرية - إلى جانب أفراد أسرته - لمساعدته في عملية الحصاد، وكذلك يدعو الذين يرغبون في الحصول على بعض الأجرة ويُسمَّون (المتحوشة)، وغالبًا ما يكونون من خارج القبيلة ممن لا يتوافر في ديارهم موسم زراعي. ويقوم بالصرام الرجال ذوو الخبرة في جني (حش) المحصول، بينما تقوم النساء بفصل السنابل عن سوقها (جمع ساق)، ثم تُحمل بعد ذلك إلى (الجرين) وهو مكان في طرف المزرعة أو قريب من البيت وشكله دائري، ويكون مرصوفًا بالحجارة ومجصَّصًا بالطين وروث البهائم، ثم يُترك المحصول في ذلك الجرين حتى يجف تحت أشعة الشمس. وتتم عملية (الدياس) بأن تُحضر مجموعة من البقر أو الحمير (أقلها اثنان) فتُنظم في حبل واحد، ويقوم أحد الأشخاص بسَوق الحيوانات بحيث تتحرك بشكل دائري باتجاه معاكس لاتجاه دوران عقارب الساعة، ويتناوب الرجال على هذا العمل، وقد يساعد الأطفال في ذلك، بينما يقتصر دور النساء على إرجاع ما يخرج من الحب المتناثر وإعادته إلى الجرين المرجع السابق، 170. .  

وتبدأ مرحلة أخرى هي مرحلة (الذري)، وتأتي بعد أن تنتهي مرحلة الدياس وتكون حبات السنابل قد انفصلت عن أكمامها وتقصفت الأعواد إلى أجزاء صغيرة تُكوَّم بشكل كومات مرتفعة، فيصطف الرجال والنساء باتجاه الريح متراصِّين، وهم يحملون بين أيديهم أكوامًا يعرِّضونها للريح، فيتطاير التبن بعيدًا بمقدار 3-4م بينما يتساقط الحَب عند أرجلهم، حتى إذا كثر نقلوه إلى مكان آخر لتبدأ مرحلة أخرى هي (الغربلة)، وتُعد هذه المرحلة هي الأخيرة، وفيها تتم تصفية الحب من العوالق والحصى بأن تتم غربلته غربلة دقيقة بوساطة الغربال. يُنقل المحصول بعد ذلك ليتم تخزينه في غرف خاصة تكون جيدة التهوية، وعادة ما يتم وضع الحبوب في أوانٍ من الجلد، أو الطفى، أو الخوص، أو الخيش المرجع السابق، 132. .  

أما الأدوات المستخدمة في الزراعة فقد كانت أدوات بسيطة، وأغلبها - إن لم يكن جميعها - يُصنع داخل المنطقة، وقد يكون رب الأسرة هو من يقوم بتصنيع تلك الأدوات، ومنها:

أ - اللومة:

وتتكون من عمود واحد - وأحيانًا عمودين - من الخشب، تُوضع في أسفله قطعة من الحديد لها تسميات متعددة تختلف من ناحية إلى أخرى ومن أبرزها: (السكة، الكحل، السحب).

ب - المضمد:

وله أيضًا تسميات أخرى مثل (المقرنة، أو المجرنة)؛ وهي قطعة خشبية تُوضع على رقاب الثيران أو الحمير التي تسحب اللومة أو المحراث.

ج - المدمس:

وهو خشبة عريضة نوعًا ما وطولها نحو 2م، تجرها الثيران على الأرض بعد حرثها بهدف تسوية التربة وتغطية الحَب.

د - المحفار:

ويُسمى أيضًا (المسحاة)، ويُستخدم لتقليب التربة.

هـ - المعول:

ويُستخدم لتكسير الحجارة والحفر.

و - المجنب:

ويُستخدم لتسوية التربة ابن جريس، غيثان. عسير في عصر الملك عبدالعزيز، مرجع سابق، 121، 122. .  

ويستدل المزارعون بالنجوم لمعرفة مواسم الزراعة؛ فقد كانوا يستدلّون على بداية الحرث بنجم (الجبهة)، أما نجم سهيل فيسميه بعضهم (ثريا الخريف) فعند ظهوره تبدأ زراعة الذرة، وعند ظهور ما يُسمى (نجم الذراع) يكون قد حل موسم زراعة الذرة البيضاء.

ثانيًا: الرعي

يُعد الرعي المهنة الثانية بعد الزراعة في المنطقة، إذ يمارس معظم السكان الرعي إما بصفة منفردة، وإما إلى جانب عملهم في الزراعة، وقلَّ أن يوجد منـزل من المنازل العسيرية إلا كان فيه قطيع من الضأن، والمعز، وبعض الأبقار، والجمال، والحمير، فقد كانوا يربُّون تلك الحيوانات للاستفادة منها في معيشتهم اليومية، إضافة إلى الاستفادة من بيع صغارها لسد احتياجاتهم المالية. وتتركز مهنة الرعي بشكل كبير في الأجزاء الشرقية والتهامية من المنطقة.

السابق   التالي
جميع الحقوق محفوظة لمكتبة الملك عبد العزيز العامة © م