شـريـط الأخــبار:: مرحباً بكم في موسوعة المملكة العربية السعودية    
  البحــث
 
بحث متقدم


 
 

الصــور
السابق التالي
الخــرائط
السابق التالي
   
المنطقة: المدينة المنورة
الباب: الآثار والمواقع التاريخية
الفصل: آثار العصور الإسلامية
رئيس اللجنة العلمية: أ.د. عبدالعزيز بن سعود الغزي (أستاذ علم الآثار القديمة بجامعة الملك سعود)
إعداد: د. مشلح بن كميخ المريخي ( أستاذ علم الآثار الإسلامية المشارك بجامعة الملك سعود )
التحكيم العلمي: أ.د. عادل بن محمد نور غباشي (أستاذ علم الآثار والحضارة الإسلامية بجامعة أم القرى) - د. سامر بن أحمد سحله (أستاذ آثار الشرق الأدنى المساعد بجامعة الملك سعود)

الباب الثالث: الآثار والمواقع التاريخية

الصفحة الرئيسة » المدينة المنورة » الباب الثالث: الآثار والمواقع التاريخية » الفصل الثاني: آثار العصور الإسلامية » ثالثًا: المواقع الأثرية » الربذة (بركة أبي سليم)

ط - الربذة (بركة أبي سليم):

تُعدُّ من المواقع الأثرية الإسلامية المهمة في المملكـة العربيـة السعوديـة، ولم تشتهر الربذة بوصفها حمى لإبل الصدقة فحسب، بل ذاعت شهرتها أيضًا مدينةً إسلامية على طريق الحج العراقي من الكوفة إلى مكة المكرمة، وكانت على الأرجح معمورة قبل مجيء أبي ذر الغفاري رضي الله عنه سنة 30هـ / 651م وإقامته بها إلى أن مات سنة 32هـ / 653م الخياري، أحمد ياسين. تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا، مرجع سابق، 344.   لأنها كانت منطقة رعوية، ومركزًا لتجمع القبائل الراشد، سعد بن عبد العزيز، الربذة: تاريخ وحضارة ، المنهل، مرجع سابق، مج48، ع454، 251. ،   وسميت بهذا الاسم - كما يذكر الحربي - نسبة إلى جبل أحمر، على بُعد ميل 1.7كم من الربذة، مما يلي الغرب فارع أحمر اسمه ربذة الحربي، إبراهيم. المناسك وأماكن طرق الحج، مرجع سابق، 326؛ بكر، سيد عبد المجيد. الملامح الجغرافية، مرجع سابق، 57.   وهو معروف الآن باسم المصيعيكة.

ونشأت الربذة في وسط الحمى، وازدهرت وتطورت إلى مدينة كبيرة خاصة في العهد العباسي المبكر لوقوعها على طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة؛ فهي المحطة التاسعة عشرة بعد الكوفة، وكان يستريح بها عدد من خلفاء بني العباس وأمرائهم عند قدومهم لأداء فريضة الحج، ومن أبرزهم الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، والمهدي، وهارون الرشيد الذين تعهدوا طريق الحج بالعمارة، وشمل ذلك مدينة الربذة التي عمرت فيها الدور والمساكن والبرك والآبار الراشد، سعد بن عبد العزيز، وآخرون. آثار منطقة المدينة المنورة، مرجع سابق، 175. ،   ثم هجرت بعد ذلك بداية من سنة 319هـ / 931م عندما هوجمت على أيدي القرامطة، فخربت وهاجر من كان بها من السكان، ولم يعد يمر بها طريق الحج بسبب اختلال الأمن الراشد، سعد بن عبد العزيز، الربذة: تاريخ وحضارة ، المنهل، مرجع سابق، مج48، ع454، 34.   وأصبحت تعرف بعد ذلك بصفتها موقعًا أثريًّا.

وبدأ المسح الأثري لموقع الربذة منذ سنة 1398هـ / 1987م، وتمت أول حفرية أثرية في هذا الموقع سنة 1399هـ / 1979م من قبل قسم الآثار في جامعة الملك سعود، وهو موقع كبير المساحة يصل طوله من الشرق إلى الغرب نحو 1.5 كم، وعرضه من الشمال إلى الجنوب يصل إلى قرابة كيلو متر واحد. وأسفرت التنقيبات عن ظهور مقبرة إسلامية غرب الموقع، وأعداد كثيرة من الآبار المطمورة، عدا بئر واحدة فقط ما زالت تستعمل حتى الآن. ومن المعالم الأثرية البارزة في الموقع البركة الدائرية في الشرق وإلى الشمال منها بركة مربعة تبعد عنها بنحو 2كم، كما تم الكشف عن مسجدين وحصن، ومعثورات كثيرة مختلفة الأنواع، منها النقوش الإسلامية، والخشب، والعاج، والأدوات الحجرية، والزجاج، والحلي، والمسكوكات، والفخار. وكثير من هذه المعثورات الأثرية معروض الآن في متحف قسم الآثار والمتاحف في جامعة الملك سعود.

كشفت الحفائر الأثرية - كما ذكر أعلاه - بموقع الربذة عن مسجدين: أحدهما من الناحية الغربية والآخر في الناحية الجنوبية من المنطقة السكنية، وهذا يتطابق مع ما ورد في المصادر التاريخية بشأن نشأة الربذة بأن أبا ذر الغفاري اختط بها مسجدًا، كما توضح التنقيبات مسجدًا آخر اختط بها الراشد، سعد بن عبد العزيز، الربذة: تاريخ وحضارة ، المنهل، مرجع سابق، 46، 47. ،   وكلا المسجدين، تخطيطهما الحالي يشير إلى أنهما يرجعان إلى العهد العباسي، ولكنهما نفذا بأسلوبين تخطيطيين مختلفين، وذلك على النحو الآتي:

الأول: المسجد الغربي، ويتبع التخطيط التقليدي (الصحن والظلات الأربع) ومسقطه قريب من المربع. وشيد هذا المسجد من الحجر ذي الأحجام المختلفة، وتبلغ أبعاده 22.75×20.15م، ويعتقد أن هذا هو المسجد الجامع للمدينة. ويقع المدخل الرئيس للمسجد بالضلع الشمالي، ويتكون من الداخل من صحن أوسط مكشوف مستطيل المسقط 16×19م، يحيط به أربع ظلات أكبرها ظلة القبلة، وتتكون من رواقين، وفتح بصدر ظلة القبلة دخلة المحراب، وعلى يسارها بناء مستطيل الشكل يرجح أن يكون قاعدة لمنبر المسجد. أما الظلات الثلاث الأخرى فكل منها تتكون من رواق واحد، وفرشت أرضية المسجد بالحصى الصغيرة، وغطيت جدران المسجد من الداخل بطبقة جص سميكة تعلوها زخارف ملونة.

الثاني: مسجد المنطقة السكنية الجنوبية، وتخطيطه يتبع تخطيط المسجد ذي الأروقة دون الصحن.

وشيد هذا المسجد من الطوب اللبن وأساساته من الحجر؛ لذا اتسم بأن جدرانه سميكة، وكسيت من الداخل بطبقة جصية.

والمسجد مستطيل المسقط تبلغ أبعاده 12.30×10.30م، ويتوسطه من الداخل حاليًا أربع قواعد مستطيلة المسقط من الحجر تعلوها الأعمدة التي تحمل السقف، وقد قسمت هذا المسجد إلى ثلاثة أروقة، وفتح بصدر هذا المسجد دخلة المحراب وهي مجوفة ومستطيلة المسقط.

ويتضح من المعالم الأثرية للمسجد أنه كان لـه أربعة أبواب، ويعتقد أن المدخل الرئيس كان يتوسط الواجهة الشمالية حيث يتقدمه ثلاث درجات، كما يعتقد أن بقايا البناء الملاصق للجدار الجنوبي يمثل الميضأة، والكتلة البنائية المحاذية للباب الغربي تمثل قاعدة المئذنة.

وكشفت الحفائر بالربذة عن بركتين لحفظ مياه الأمطار والسيول الراشد، سعد بن عبد العزيز، الربذة: تاريخ وحضارة ، المنهل، مرجع سابق، مج48، ع 454، 64 - 67. ،   وهذا يتفق مع ما ورد في المصادر التاريخية عن الربذة، إذ ذكر الحربي عنها " وبها بركتان، إحداهما مدورة ولها مصفاة، والأخرى من المنـزل على أقل من ميل مربع " الحربي، إبراهيم. المناسك وأماكن طرق الحج، مرجع سابق، 328. .  

السابق   التالي
جميع الحقوق محفوظة لمكتبة الملك عبد العزيز العامة © م