2 - الحضارة الآشولية:

تميزت هذه المرحلة من التاريخ الإنساني بظهور أنواع جديدة من الأدوات الحجرية امتازت بتطور نسبي عن أدوات المرحلة التي سبقتها صالح، عبدالعزيز. الشرق الأدنى القديم: مصر والعراق، مرجع سابق، 20. .   ويقسم الباحثون الحضارة الآشولية إلى ثلاثة عصور، هي: العصر الآشولي المبكر: وقد امتاز هذا العصر بظهور الفؤوس، وبخاصة ذات الأشكال البيضوية، والقلبية - أي التي تكون على شكل قلب - والحلزونية، والمفارم غير المشذبة Sordinas, A. I. Contributions to the Archaeology of Saudi Arabia. The Zimmerman Collection form the Northern Fringe of the Rub'al-Khali III, FRP, 1978. .   العصر الآشولي الأوسط: وامتازت صناعاته بالأدوات ثلاثية السطوح مستدقة الطرف رمحية الشكل، إلى جانب أدوات ثنائية الوجه، وأخرى مستديرة تشبه الكرة، علاوة على وجود مجموعة من السواطير والسكاكين ذات النصلين Ibid. Sordinas, A.I. Contributions to the Archaeology of Saudi Arabia. .   أما العصر الآشولي المتأخر: فقد امتازت أدواته بظهور الفؤوس اليدوية الصغيرة التي صنعت على هيئة قلب أو بشكل بيضوي أو أي شكل متميز آخر Op. Cit. Zarins, J. et.al. Atlal. Vol: 5, 1981. p. 14. .   وقد تم تشكيل هذه الأدوات التي تماثل أسلوب (الليفالوايز) باستخدام المطرقة الخفيفة Besancon, J. L. Copland. F. Hours. ''The Paleolithic sequence in Quaternary Formations of the Orontes River Valley, Northern Syria. BIA, vol: 15. 1978. pp.149-170. .  

أمَّا عن مواقع فترة الحضارة الآشولية في منطقة عسير فعلى الرغم من عدم وجود أدوات تعود إلى الحضارة الآشولية المبكرة، إلا أنه عُثر على عدد من الأدوات التي تعود إلى العصر الآشولي المتوسط، والعصر الآشولي المتأخر، وإن كانت حضارة العصر الآشولي الأوسط أكثر انتشارًا من العصر المتأخر. ومن أبرز المواقع في منطقة عسير ما يأتي:

أ) موقع الصبيخة:

عُثر في الجانب الشرقي من الوادي الرئيس، على بعد 10كم جنوب شرق الصبيخة، على مجموعة من الأدوات تشمل فؤوسًا حجرية رديئة الصنع مصنوعة من حجر الأنديسيت أو الداكسيت، وهي مشابهة لتلك النماذج التي صُنعت من الريوليت إلا أنها أصغر منها حجمًا Overstreet, W. ''Contributions to the Prehistory of Saudi Arabia'', 1. FRP, 1973. .  

ب) موقع خميس مشيط:

عُثر في النواحي الواقعة إلى الجنوب من خميس مشيط على ثلاثة مواقع تعود إلى فترتي العصر الآشولي الأوسط، والعصر الآشولي المتأخر، وتضم هذه المواقع مجموعة من الأدوات المصنوعة من الكوارتزيت الحديدي، ومن أبرز هذه الأدوات بعض الفؤوس الحجرية والمفارم ولباب الأحجار والرقائق الكبيرة والسكاكين وأدوات النقش والمسننات Op. Cit. Zarins, J. et.al. Atlal. Vol: 5, 1981. p. 15. .   ويشير بعض الباحثين عبدالنعيم، محمد. آثار ما قبل التاريخ وفجره في المملكة العربية السعودية، مرجع سابق، 120.   إلى أن هناك قطعًا قليلة لأدوات بيضوية ثنائية الأوجه بشكل ملتوٍ كان فيلبي (Philby) قد عثر عليها في موقع (عبيل ألمع) ويرجح أنها تنتمي إلى الفترة الآشولية المتأخرة، وهذه الأدوات محفوظة الآن في متحف الرياض ضمن مجموعة فيلبي، والواقع أنه لا يُعرف في منطقة عسير موقع بالاسم المشار إليه، إلا أن يكون ذلك الاسم تصحيفًا لـ "جبيل ألمع" الذي يقع في نطاق محافظة رجال ألمع، وهذا هو الأرجح.

ج) موقع تثليث:

عُثر في وادي تثليث عند قاعدة هضبة من الجرانيت على موقع ينتمي إلى فترة الحضارة الآشولية، وقد صنعت معظم أدوات ذلك الموقع من الصخور الحممية (اللافا) وتضم عددًا من الفؤوس اليدوية ونوى الأحجار الكبيرة والسواطير والرقائق المصنوعة بالطرق العنيف ما قد يدل على أنها تنتمي إلى حضارة العصر الآشولي الأوسط.

د) موقع ظهران الجنوب:

وفيه اكتشفت أدوات صنفت على أنها من العصر الآشولي المتأخر وتضم فؤوسًا يدوية، ونوى، ومكاشط، ومفارم، ورقائق (شظايا)، صنعت جميعها من الكوارتزيت الحديدي، وهي مغطاة بطبقة سميكة من الرواسب، وقد اكتشفت تلك الأدوات عند ضفة أحد الأودية. وفي وادي (ثعبان) من المنطقة نفسها عثر على أدوات من العصر الآشولي المتأخر تضم لبابًا للأحجار، ورقائق حجرية. كما عُثر في المنطقة ذاتها على أدوات أخرى تنتمي إلى العصر الآشولي المتأخر، وهي مجموعة سكاكين مسطحة، ومفارم، ولباب، وفؤوس يدوية ورقائق صغيرة Ibid. Zarins، J. et.al. Atlal. Vol: 5, 1981. p. 15. ،   وبعض الفؤوس التي جلبت من منطقة عسير معروضة الآن في المتحف الوطني بالرياض عبدالنعيم، محمد. آثار ما قبل التاريخ وفجره في المملكة العربية السعودية، مرجع سابق، 120. .  

هـ) مواقع ساحلية على البحر الأحمر:

وتقع على امتداد المنطقة الساحلية للبحر الأحمر حيث اكتشف عدد من الأدوات الآشولية في منطقة حقول الحمم البركانية جنوب البرك وشمال الشقيق. وتضم هذه الأدوات مجموعات من الفؤوس اليدوية، والمفارم، والسكاكين ذات الأسطح الظهرية، والرقائق الحجرية، والسواطير، ونوى الأحجار نواة الحجرة (وكذلك لُبابها): قطعة حجرية عليها آثار طَرْق أحدثها الإنسان لاستخراج أجزاء منها تُحوَّل إلى أدوات حجرية. خالد محمود أبو غنيمة، معجم مصطلحات ما قبل التاريخ، ط1، (إربد: مكتب المنشورات بجامعة اليرموك، 2009م)، 34.   وبقايا تصنيع صنعت جميعها من الصخور الحممية التي تتناثر فوق شرفات صخرية تطل على البحر الأحمر Ibid. Zarins, J. et.al. Atlal.vol: 5, 1981. p, 15. .  

ونلاحظ مما سبق أن الكوارتزيت الحديدي قد شكل المادة الرئيسة لصنع أدوات الحضارة الآشولية لتوافرها في منطقة عسير، سواء في منطقة الجبال أو في وادي تثليث، كما استخدمت أنواع أخرى من الأحجار الطبيعية، ومنها: الصخور الحممية في صناعة الأدوات الآشولية، وقد استعملت تلك الأحجار تبعًا لجيولوجية المنطقة.