ب - العشر الأواخر:

في العشر الأواخر من شهر رمضان يبدأ الناس بأداء صلاة القيام، ووقتها في الهزيع الأخير من الليل، وتستمر من ساعتين إلى ثلاث ساعات، وهي أربع تسليمات عدا الشفع والوتر، يطيل الإمام القراءة في كل ركعة وقد تصل إلى جزء من القرآن الكريم في كل تسليمة، وبعد كل تسليمة تُدار فناجين القهوة العربية وكؤوس الشاي التي تطرد النعاس وتبعث النشاط بالمصلين، كما تُدار مباخر الطيب والعود لتجديد النشوة وتحفيز المصلين لكي يواصلوا الصلاة إلى آخرها، وبين التسليمتين الأولى والثانية يقرأ الإمام شيئًا من الأحاديث المحتوية على التذكير بفضائل ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، والحث على تحري ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وبعد التسليمة الثانية يبدأ الناس بتلاوة ما يتيسَّر من القرآن الكريم، ثم بعد التسليمتين الثالثة والرابعة يقرأ الإمام شيئًا من الأحاديث، وبعد التسليمة الرابعة يصلي الشفع والوتر وينهي صلاة القيام قبيل الفجر بوقت كافٍ لتناول طعام السحور.

رمضان شهر القرآن بحق، إذ يحظى القرآن فيه بعناية فائقة من الناس، فالكل يسارع إلى ختمه خلال أيام الشهر، فتُعقد حلقات التلاوة في المساجد والمنازل، وتجتمع المجموعات التي قد تصل إلى عشرة أشخاص بعد التراويح عند أحد أفراد المجموعة بالتناوب، فيمكثون جميعًا ساعتين أو ثلاث ساعات يرتلون آيات القرآن ويتدارسونها، فيقرأ أحدهم وينصت الباقون ويتابعونه ويصححون أخطاءه إن وُجِدَتْ، ثم يدور الدور عليهم... وهكذا حتى يختموا القرآن.

ومع هذه الروحانيات العالية يألف الناس رمضان ويلتصقون به، فلا يفارقهم إلا وهم يذرفون الدموع على فراقه، فيودُّون لو كان العام كله رمضان، ويُتبعون رمضان بصيام ستة أيام من شوال اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي،(بيروت: دار إحياء التراث، د.ت)، جـ2، 822، (حديث رقم 1164). .  

ويختم الناس أعمالهم الخيرية في شهر رمضان بأداء زكاة الفطر، وهي صاع من قوت البلد على كل فرد صغيرًا كان أو كبيرًا ذكرًا أو أنثى، وتُعطى للفقراء قبيل الذهاب إلى صلاة العيد أو قبله بيوم.